Admin الإثنين يناير 04, 2010 10:25 am
قال الدكتور عمرو أبو خليل استشاري بموقع إسلام أونلاين إجابةعلى مثل سؤالك "
"الصداقة الشريفة" ..لم ينجل علينا صديقنا الشاب بذكر تعريف أو صفات لهذا المصطلح فذكر أنها صداقة بين ولد وبنت أو فتى وفتاة لا تشمل خلوة أو كشف عورة أو إثارة، وأردف أنها صداقة اجتماعية في نادي أو مدرسة أو جيران، ولم يشأ أن يكمل التعريف جازماً ولكن صاغه على هيئة سؤال وذكر أنها صداقة تساعد الإنسان على الإقلاع عن العادة السرية وتحسن تجانسه مع المجتمع.
ونحن سننطلق من تعريفه الذي ذكره كلمة كلمة، نحلله ونفهمه سوياً حتى نصل إلى النتيجة ، فنبدأ بمفهوم الصداقة عامة وماذا تعني: فالصداقة علاقة خاصة بين شخصين جمع بينهما التعارف والتقارب والتآلف من خلال مواقف الحياة المختلفة؛ فاكتشفا من خلال اللعب والجد من خلال الصحو والنوم من خلال كون كل منهما مرآة للآخر يرى فيها نفسه ـ اكتشفا أنهما صديقان كل منهما يعرف كل شيء عن الآخر ممتزجان بخصوصية.. يجد كل منهما صديقه حين يحتاجه، يتحدث كل إلى صديقه ويطلعه على ما يستحي أن يطلع عليه غيره.. قد يكون هناك مجموعة أصدقاء تربطهم هذه الرابطة ولكن ستجد بين كل صديقين في هذه المجموعة رابطة خاصة بهما تجعلهما أكثر صداقة داخل هذه المجموعة، ننتقل الآن إلى النقطة الثانية وهي "بين فتى وفتاة": إن صداقة بالصورة التي وصفناها سابقاً يمكن أن تنشأ بين فتى وفتاة مثلما تنشأ بين فتى وفتى أو بين فتاة وفتاة أضف إليها الميل الطبيعي والفطري الذي خلقه الله في نفس هذا الفتى وهذه الفتاة كل منهما ناحية الآخر وهو أمر لا يمكن التحكم فيه أو مقاومته؛ إنه ميل يحدث بين أي فتى وفتاة بدون تعارف أو لقاء إنه قد يحدث من أول نظرة فما بالك وقد تعرف هذا الفتى وهذه الفتاة بعضهما حتى توثقت عرى الصداقة بينهما؟! ألا ترى أنه لا بد أن تحدث له ترجمة فورية طبيعية من خلال هذا الميل وسيكون في بدايته رومانسياً عذرياً ولكن مع تطور الأمور سيحتاج إلى لمسة تعبر عنه أو نظرة تبث الأشواق.. إن هذا ما يحدث في الواقع في كل حالة تبدأ تحت هذا المسمى ـ الصداقة بين الفتى والفتاة ـ ثم يدعون أنها تحولت إلى حالة حب بكل درجاته ومراحله وتداعياته وهم لا يعرفون أو لا يريدون أن يعرفوا أن هذه الصيغة تعني هذه النتيجة ببساطة شديدة لمجرد التعريف. وعليه أيها الصديق الشاب، فإن ما أكملت به تعريفك من شروط لا علاقة له بما بدأت به أو بما تعرفه فلا توجد صداقة بين فتى وفتاة بدون خلوة أو إثارة أو كشف عورة، وإذا أطلق أحدهم هذا المسمى على علاقة رومانسية بين فتى وفتاة فإنما هو يطقها على بداية هذه العلاقة وليس على مجمل العلاقة التي تشمل مقدماتها ونتائجها.
إن هذا المفهوم ليس موجوداً حتى في البلاد التي ندعي أننا نستورد منها هذا المفهوم حيث يتشدق البعض بالصداقة الشريفة أو البريئة بين الفتيات والفتيان في أوربا وأمريكا وكيف أنها تهذب أخلاقهم وتهدئ شهواتهم والحق أنهم كاذبون في ادعائهم حيث هناك يسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية بدون لف أو دوران فهناك الصديقة تسمى girl friend والصديق يسمى boy friend ومحتوى هذا الاسم بوضوح هو ممارسة جنسية كاملة بين الطرفين حتى يطلق عليه هذا الاسم وفي إطار ثقافتهم وحضارتهم ـ ولسنا بصدد تقييمها الآن ـ فإن هذه العلاقة لها نظام وقواعد وحقوق وواجبات تترتب عيها حتى إن إحداهن رفعت قضية على صديقها لأنه هجرها بدون سبب وحكمت لها المحكمة بنصف ثروته تعويضا عن ذلك!!!.
المقصود أننا استوردنا مفهوم الصداقة بين الفتى والفتاة من الغرب ثم نحاول أن نرقع له ثوباً خاصاً به لا يمكن أن يلبسه وهو ثوب البراءة أو الشريفة !!!! نسميها الصداقة البريئة ومرة الشريفة وتحتها تتطور العلاقة إلى نفس الصورة المستوردة ولكننا نغمض أعيينا كما هي عادتنا دائماً ونظن بذلك أننا حللنا المشكلة لأننا لا نراها.. والأخزى من ذلك ألا نحاول أن نعالج الموقف، والأهم أن نمارس هذه الصورة المشوهة من الصداقة المستوردة في خارج سياقها الثقافي والاجتماعي فيخرج شيئاً عشوائياً لا نظام فيه ولا قواعد فلا حقوق ولا واجبات وهذا أمر متكرر تجد الفتى يسير مع الفتاة سنوات يمارس معها الجنس ويفعل كل ما بدا له ثم ينصرف عنها ببساطة ذاكراً لها أنه اكتشف أنها لا تناسبه، أو أنه رجل شرقي لا يرضى لنفسه أن يتزوج من فتاة مارس معها الجنس قبل الزواج وكان الزواج العرفي أحد هذه الحلول العشوائية لهذا التخبط وعدم فهم المسائل بعمق والأخذ بظواهر الصور.
ومن هنا ننتقل إلى النقطة الأخطر والأهم وهي: هل لدى الإسلام رؤية للعلاقة بين الفتى والفتاة؟ وهل هي رؤية أحادية تقوم على الفصل بينهما، وعلى عدم وجود علاقة بينهما كحل لهذه المعضلة في إطار ثقافتنا وديننا ؟ وهل المجتمع المنفصل الذي يعيش فيه الفتيان وحدهم وتعيش الفتيات وحدهن هو السبيل لوقايتهم من ذلك ؟وإذا كان هذا هو الحل في علاقة ذلك بالواقع الذي نعيشه وكيف يطبق فيه؟ وهل نتعالى على الواقع ونقول: إن لدينا حلاً ولكن لا يهمنا أن يطبق في الواقع أو لا يطبق .. فالواقع لم نصنعه نحن ولسنا مسئولين عنه فلسنا مسئولين عن حل مشاكله؟!
أسئلة كثيرة تحتاج إلى وقفة من أجل صياغة حقيقية وواقعية للعلاقة ليست بين الفتى والفتاة، ولكن بين الرجل والمرأة، بين المؤمن والمؤمنة في المجتمع المسلم. إن المجتمع المسلم مجتمع مختلط بطبيعته يقوم على أكتاف الرجال والنساء تتعاضد فيه جهودهم سوياً من أجل بنائه ولا يمكن أن يقوم هذا الدور المشترك بدون علاقة طبيعية وسوية بين الطرفين. (انتهى)
مع ملاحظة أن هناك في الغرب فارق بين الصداقة والصديق friend، والخليل Boyfriend، والأولى لا تحمل بالضرورة معنى جنسياً كما في الثانية"
انظر الموقع التالي :
اضغط هنا للانتقال الى الصفحة الصلية